الأحد، 16 سبتمبر 2018

في حضرة النور


لَا تَسْألوا اللَّيْلَ عَنْ تَأْوِيبِ مُشْتَاقِ         يَبْكِي بِدَمْعٍ عَلَى الَخدَّيْنِ مُهْرَاقِ
بَلِ اسْأَلُوه إِذَا جَنَّتْهُ ظُلْمَتُهُ                 أَنْ يُؤْنٍسَ البَدْرُ دُنْيَاهُ بِإِشْرَاقِ

يَا رَاحِلِينَ إِلَى أَرْضِ الأَحِبَّةِ هَلْ            تَرَوْنَ حُزْنِي عَلَى حَالِي وَإِشْفَاقِي
لَا أَطْلُبُ اليَوْمَ مِنْكُمْ أَن يَكُونَ بِهَا          إِلَّا الْتِحَاقِي وَبِالْمَأْمُولِ إِلْحَاقِي
أَحَبُّ لِلنَّفْسِ مِنْ مَالٍ وَمِنْ وَلَدٍ             وَمِنْ نَفِيسٍ بِهِ ضَنَّتْ وَأَعْلَاقِ
مَنْ كَانَ يُعْطِي عَطَاءً لَا يُكَفْكٍفُهُ           حِذَارُ مَا فِي غَدٍ مِنْ خَوْفِ إمْلَاقِ
وَمَنْ  إِذَا اشْتَدَّ بَأْسُ الحَرْبِ وَاتَّقَدَتْ        نَارُ الوَطِيسِ يَكونُ الحَامِيَ الوَاقِي 
 ومن تَخَلَّقَ بِالْقُرْآنِ فَانْطَبَعَتْ               آيَاتُهُ فِي أَمِينِ الطَّبْعِ مِصْدَاقِ
مَنْ لَمْ يَقُلْ قَطُّ أُفٍّ عِنْدَ خَادِمِهِ             وَلَا يُدَانِيهِ شَيْءٌ طِيبَ أَخْلَاقِ
من عَاشَ فِيهِم كَأَيٍّ مِنْ سَوَادِهِمُو         مِنْ خَاصِفٍ نَعْلَهُ يَمْشِي بِأَسْوَاقِ
وَمَنْ تَأَدَّتْ لِمَنْ آذَاهُ رَحْمَتُهُ                وَالْأَخْشَبَانِ عَلَى اسْتِعْدَادِ إِطْبَاقِ
زَهِدْتَ في كُلِّ مَا تَعْنُو الرّقَابُ لَهُ           مِنْ نَيْلِ مُلْكٍ وَجَاهٍ ثَمَّ بَرَّاقِ
وَقُلْتَ في الملك لَا وَاللهِ لَوْ جَعَلُوا           مِنَ الكَوَاكِبِ إِكْلِيلا بِأَعْنَاقِي
يَا ثَانِيَ اثنَيْنِ شَدَّ اللهُ أَزْرَهُمَا              فِي دَعْوَةِ الحَقِّ لَاقَى كُلَّ إِرْهَاقِ
الصَّاحِبَانِ وَصَانَ اثْنَانِ سِرَّهُما             الْعَنكَبُوتُ وَأُخْرَى ذَاتُ أَطْوَاقِ
فَكَانَ أَمْنَعَ عِنْدَ اللهِ نَسْجُهُمَا               مِنْ نَسْجِ دَاوُودَ مِنْ نَسْلِ ابْنِ إِسْحَاقِ
صَلَّى وَرَاءَكَ كُلُّ الأَنْبِيَاءِ وَلَمْ              يَزَلْ فِرَاشُكَ فِي دِفْءٍ بِهِ بَاقِ
ظَلَلْتَ تَرْقَى بِآفَاقِ السَّمَاءِ إِلَى             أنْ جِئْتَ مَنْزِلَ مَا لَا يَبْلُغُ الرَّاقي
وَقَبلَهَا اجتَزتَ فِي الأَخلَاقِ مَنزِلَةً           جَاوَزتَ فيهَا الْمَدَى مِنْ كُلِّ آفَاقِ 
بَحْراً مِنَ العِلْمِ لَا دَلْوٌ يُكَدِّرُهُ                 وَلَا يُعَرِّضُ مُدْلِيهِ لِإِغْرَاقِ
لَمْ تَتْلُ قَبْلَ كِتَابِ اللهِ مِنْ كُتُبٍ             وَلَا يَمينُكَ خَطّتْهَا بِأَوْرَاقِ
كُنْ لِي شَفيعاً إِذَا مَا الذَّنْبُ أَفْحَمَنِي        وَالتَفَّتِ السَّاقُ يَوْمَ الهَوْلِ بِالسَّاقِ
هوى سُرَاقَةُ إِذ يَعْدُو عَلَى فَرَسٍ            فَأُوثِقَت حيْثُ سَاخّتْ شَرَّ إِيثَاقِ
لَوْلَا دُعَاؤُكَ وَالرَّحْمَنُ حَابِسُهَا               مَا مَنَّ سُبْحَانَهُ فِيهَا بِإِطْلَاقِ
نُورٌ مِنَ اللهِ يُهْدَى مَنْ يُوَفّقُهُ              وَكُلَّ سَاعٍ إِلَى الخَيْرَاتِ سَبَّاقِ
دَعَا إِلَى اللهِ مَنْ يَرْفُقْ بِأُمَّتِهِ               وَقَامَ لِلْحَقِّ يَنْضُو فِيهِ عَنْ سَاقِ
فَارْفُقْ بِهِ حَيْثُ يَرْعَى فِي رَعِيَّتِهِ            أَمَانَةَ اللهِ مِنْ عَهْدٍ وَمِيثاقِ
وَاشدُدْ عَلَى كُلِّ أَعْمَى لَا يَلِينُ لَهُمْ         إِلَى النّفَاقِ وَأَهْلِ الشِّرْكِ مُنْسَاقِ
أَحَبَّ دِينَكَ مَنْ صَحَّتْ طَبِيعتُهُ             أَمَّا الحَقُودُ فَأعْيَا رُقْيَةَ الرَّاقِي
وَقَبْلَهُ آثَرَ الْخُسْرَانَ مَنزِلَةً               إِبْلِيسُ فَلْيَلْقَهُ فِي الْحُفْرَةِ اللَّاقِي  
من ديواني "ديوان الدواوين"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق