الجمعة، 17 أغسطس 2018

فصول من زمن مضى وزمن يأتي ( الحلقة السادسة )

(6)يا الله! .... هبط إلى الصفحة ضيفين كريمين، صديقان عزيزان لهما المحل الأعظم من نفسي. لكأنما نبّهاني بظهورهما إلى أني لم أقم بحق الشكر الواجب عليّ لله حين رزقني بمثلهما. هبطا إليّ كأنما على ميعاد، فهما كذلك في صميم الجملة الأولى الموضوعة للملاحظة التي خصصت لها هذا الحديث. هما في الشطر الأول من الجملة مع الطيبين الأخيار، وحسن أولئك رفيقا. وقد اخترت لذلك أن أجعلهما - إن سمحا لي بهذا - في نسيج السيرة وصلب الحديث. وحَقَّ لي، فمعرفتي بهما ومعرفتهما بي قامت على النزاهة المطلقة التي لم تزل تمس شغاف نفسي إلى اليوم، فلم تأت من غرض نفعي أو مصلحة شخصية كانت سمة هذا الزمان، ينقلب في سبيلها الحق باطلا والباطل حقا ويدوس الناس على كل ما اجتهد المصلحون عبر الحقب المتطاولة من الزمان فيهدمون جميع ما أفنى هؤلاء حياتهم لتشييده.فأما الصديق الأول فترجع معرفتنا إلى أيام الطلب الأولى ونحن نجتمع معا في جماعة لا تكاد تزيد على أصابع اليدين في حجرة المرحوم الدكتور مهدي علام لنتلقى دروس الترجمة في السنة التمهيدية للماجستير. وكان الدكتور مهدي علام لطيف الحديث يخلطه بالنادرة العابرة والنكتة اللماحة والحكاية الممتعة. وكان صافي الذاكرة رغم ذهاب السن به، لعله كان قد نيف على الثمانين. وإنما ذكرت ذلك لأني تذكرت المرحوم العالم الجليل الأستاذ عبد الحميد حسن عالم النحو وانحناء ظهره رحمه الله لتطاول العمر به، و كان يستلمنا عقب انتهاء محاضرة الترجمة مباشرة- في آخر المساء. تذكرت طرائفه المفرحة للقلب- وودت لو استطعت حكايتها- وإخلاصه وتقديم الدكتور مهدي له وهو يقول هو أستاذي في كلية دار العلوم. لقد كدت أنخرط في الحديث عنهما وأنصرف عن صديقي العزيز الذي قصدته بالحديث، الأستاذ الدكتور نبيل حداد أستاذ الأدب العربي الحديث بجامعة اليرموك الذي ترك لي هذا التعليق على ما كتبته:
" أحييك رفيق الشباب وصديق العمر على تصويرك الدقيق، الحصيف والمنصف لأستاذنا - كلينا- عبد المنعم إسماعيل الذي لم ينل ما يليق بعلمه وخلقه وكرم نفسه ودفئه الإنساني العجيب... وأنا على أحر من الجمر شوقا للحلقة التالية...احترامي ومحبتي ومودتي التي لا تنقطع..."
شكرا لك أيها صديقي العزيز، وهل تعلم أني كنت أسررت في نفسي منذ ذلك الوقت- قريبا من نحو أربعين عاما أن أقوم ببعض حقوق الوفاء له من نشر كتبه والكتابة عنه وتكريم ذكراه، ليس وحده، بل كل من ندين لهم بهذه الحقوق. ولكنها النفس التي توغل في الأماني أيام الشباب وتلقنها الأيام أن "تعرف حدودها".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق