الجمعة، 17 أغسطس 2018

فصول من زمن مضى وزمن يأتي ( الحلقة الأولى )

 (1)

لقد آن الأوان لأحكي لكم أيها الأصدقاء شيئا من سيرتي.
وما أحكيه لكم اليوم يتلخص في ملاحظة نجمت عن بعض ما وقع لي في حياتي. وقد توقفت عند هذه الملاحظة كثيرا وحاولت أن أفهمها أو أعيها كما يجب علي. تأملت الذين لقيت منهم الخير والذين أساءوا.... الذين قاموا بحق الوفاء بالصحبة والذين تنكروا. وتأملت حالي أنا معهم، على نحو ماذكر تلميذي المحب الدكتور علي جلال في بعض ردوده على منتقدي ما أورده من مخزون الذاكرة : أتأمل نفسي وأعيد تقييم ذاتي. وعلى فكرة هذا مبدأ (هام) و(أساسي) عند من كتبوا سيرهم الذاتية من كبار أصحاب التجارب وأذكر منهم القديس أوغسطين ابن قرطاج القريبة منا:كنت في صباي أكثر ميلا للعلوم الغربية والفكر الغربي والعبقريات الفذة التي بهرتني رغم نشأتي الأزهرية وحفظي للقرآن في سن مبكرة وبيئتي الدينية الصرف. بعبارة أخرى كنت مفتونا إلى حد الهوس بأصحاب الفكر الجديد. وكانت عواطفي ومشاعري منصرفة إليهم بالكلية. قرأت من كتبوا في سلسلة نوابغ الفكر الغربي وقرأت لعبد الرحمن بدوي وهيكل وغيرهم، فضلا عن الافتتان الشديد بالسيد العميد طه حسين الذي كنت أسمع عنه الأساطير في طفولتي ورغبت أن يكون لي ما كان له. كان كل صاحب فكر جديد هو الولي الذي أتبرك به وأتلمس القرب منه. واجتهدت في سني بالجامعة أن أفهم فرويد ونيتشه رغم رداءة الترجمات التي كانت ألغازا مغلقة وأفلاطون وكانط وأدباء كدستويفسكي وغيرهم على قدر ما كان يسمح الزمان. وتمنيت أن يكون لي لقاء بكبار أدباء زماني وهو مالم يتحقق إلا في القليل لأسباب سأذكرها فيما بعد. المهم أني عشت حقبة من حياتي هي الصدر الأول من مسيرتي أنعم بما كان يرضيني ويشرح صدري من حسن التقدير الذي كان هو الوقود الحقيقي لتقدمي منذ عبارات الشيخ الأولى في الكتاب. ثم تلتها حقبة سدت فيها مرة واحدة جميع الأبواب والنوافذ. وتكاثرت الضباع على خراش كما يقال بدأت عندما اندفع في طريقي بعض أصحاب الهيلمان كما تندفع الوحوش في طريق الفرائس.....

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق